فصل: الطغرى التي تكون بين الطرة والبسملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التعريف بالمصطلح الشريف



.القسم الثاني من الكتاب: في عادات العهود والتقاليد والتفاويض والتواقيع والمراسيم والمناشير:

اعلم أن هذا ينقسم إلى أقسام:
أ- فمنها عهود؛ ولا تكون إلا للخلفاء عن الخلفاء والملوك، ولا يكون إلا عن الخلفاء أو الملوك: تكتب لولاة العهد عن المستقلين. فأما من قام من الخلفاء بغير عهد ممن تقدم فإنما يكتب له مبايعة، ومعناها معنى الماجرى الذي يكتب. وأما من قام من الملوك بغير عهد من خليفة ولا ملك متقدم فلم تجر العادة بكتابة مبايعة له.
ب- ومنها تقاليد؛ ولا تكون إلا لكفلاء الملك، كأكابر النواب والوزراء ومن كان في معناهما؛ وقد يكون لأكابر قضاة القضاة.
فأما عامة القضاة فالواجب أن لا يسمى ما يكتب لهم إلا تفاويض.
فأما جمهور من عانى الكتابة في زماننا وما قاربه فعلى تسمية تواقيع، (ونبهنا على هذا لموضع الفائدة فيه). واعلم أنني لا أكتب هذا إلا تفاويض؛ وأما صغار النواب فيأتي ذكرهم في التواقيع إن شاء الله، فاعلم ذلك.
ج- ومنها تواقيع؛ وهي لعامة أرباب الوظائف، جليلها وحقيرها، وكبيرها وصغيرها، حتى النواب اللاحقين بشأو الكبار فمن دونهم. وعندي في هذا نظر: والذي أرى أن يكون لمن لحق بشأو الكبار منهم (تفاويض)، للصغار (مراسيم)، ولأدنى الطبقات منهم (تواقيع) لميزة السيوف على الأقلام؛ وكذلك تجري نسبة التواقيع على ما يكتب في المسامحات والإطلاقات.
د- ومنها مراسيم؛ وهي ما يكتب في صغائر الأمور التي لا تتعلق بولاية. ثم المراسيم: منها ما يستفتح بالبسملة، وهو للأهم، وما لا يستفتح بها، وهو لما هو أدنى، كأوراق الجواز في الطرق. ويكتب عن النواب مثل هذا في الإطلاقات من الخزانة العالية، والإهداء، والإسطبلات، وخزائن السلاح، وغير ذلك. ثم إذا فهمت ذلك فأعلم:

.أولا: العهود:

أ- عهود الخلفاء عن الخلفاء: لم تجر عادة سلف الفضلاء الكتاب أن يستفتحها بما يذكر، هو: (هذا ما عهد بع عبد الله ووليه فلان أبو فلان، الإمام الفلاني، أمير المؤمنين. عهد إلى ولده (أو إلى أخيه) الأمير السيد الجليل، ذخيرة الدين، وولي عهد المسلمين، أبي فلان وفلان، أيده الله بالتمكين، وأمده بالنصر المبين، وأقر به عين أمير المؤمنين). ثم ينفق كل كاتب بعد هذا على قدر سعته، ثم يقول: (أما بعد، فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ويصلي على نبيه سيدنا محمد) ويخطب في ذلك خطبة يكثر فيها التحميد وينتهي فيه إلى سبعة، ثم يأتي بعد ذلك بما يناسب من القول، ووصف فكر الذي يعهد فيمن بعده، ويصف المعهود إليه بما يليق من الصفات الجليلة. ثم يقول: (عهد إليه وقلده بعده جميع ما هو مقلده، لم رآه من صلاح الأمة، ومصالح الخلق، بعد أن استخار الله تعالى في ذلك، ومكث مدة يتدبر ذلك، ويروي فيه فكره وخاطره، ويستشير أهل الرأي والنظر، فلم ير أقوم منه بأمور الأمة ومصالح الدنيا والدين) ومن هذا ومثله، ثم يقال: (إن المعهود إليه قبل منه ذلك) ويأتي في ذلك بما يليق من محاسن العبارة وأحاسن الكلام.
ب- ما يكتب عن الخلفاء للملوك: وطريق القدماء فيه على قريب من هذا النحو؛ وعليه كتب القاضي الفاضل عهدي أسد الدين شيركوه، وابن أخيه الملك الناصر صلاح الدين؛ وهكذا كتب شيخنا شهاب الدين أبو الثناء محمود الحلبي عهدي العادل كتبغا والمنصور لاجين. فأما ابن لقمان فقد استفتح العهد المكتتب للملك الظاهر بيبرس بخطبة، وليس ابن لقمان بحجة، وإنما ذكرناه لكي لئلا يتمسك به من لم يعرف حقائق الأقدار. على أن الفاضل محيي الدين بن عبد الظاهر تبعه فيما كتب به للمنصور قلاوون.
ج- وما يكتب للملوك عن الملوك مثل ولاة العهود والمنفردين بصغار البلاد: فإنه لا تستفتح عهودهم إلا بالخطب. وكلما كثرت التحميدات في الخطب كان أكبر لأنها تدل على عظم قدر النعمة.
وللناس مذهبان فيما يكتب للملوك عن الخلفاء من الألقاب:
فالأول: أن يكتب (السلطان، السيد، الأجل، الملك الفلاني، العالم، العادل) مع بقية ما يناسب من الألقاب المفردة والمركبة.
والثاني: فعلى أن يكتب لهم: (المقام الشريف أو الكريم أو العالي) مجردا عنهما، ويقتصر على المفردة دون المركبة. وأنا إلى رأي الأول أجنح، وعليه أعمل.
د- وأما ما يكتب عن الملوك لأولياء العهود والمفردين بصغار البلاد فيكتب لهم: (المقام الشريف أو الكريم أو العالي) مجردا عنهما، ويقتصر على المفردة دون المركبة. على أن في هذا ضابطا كان في القديم وهو أنه لا يكتب لملك إلا ما كان يلقب به من ديوان الخلافة بالنص من غير زيادة ولا نقص.

.ثانيا: التقاليد:

وأما التقاليد فلا تستفتح إلا بالخطب بـ (الحمد لله) وليس إلا؛ ثم يقال بعدها: (أما بعد)؛ ثم يذكر ما يسنح من حال الولاية وحال المولى وحسن الفكر فيمن يصلح، وأنه لم ير أحق من ذلك المولى، ويسمى، ثم يقال ما يفهم أنه هو المقدم الوصف أو المتقدم إليه بالإشارة، ثم يقال: (رسم الأمر الشريف، العالي، المولوي، السلطاني، الملكي، الفلاني) ويدعى له أن يقلد كذا، أو أن يفوض إليه كذا؛ والأول، أجل، ثم يوصي بما يناسب تلك الولاية مما لابد منه، تارة جماليا، وتارة تفصيليا. وينبه فيه على تقوى الله تعالى، ثم يختم بالدعاء للمولى بالإعانة، أو التأييد، أو المزيد، أو التوفيق، أو ما يجري هذا المجرى. ثم يقال: (وسبيل كل واقف عليه العمل به بعد الخط الشريف أعلاه).
ولفضلاء الكتاب في هذا أساليب، وتفنن كثير الأعاجيب، وكل مألوف غريب. ومن طالع كلامهم في هذا وجد ما قلناه، وتجلى له ما أبهمناه. والتقاليد يقال في عنوانها: (تقليد شريف لفلان بكذا).

.ثالثا: التفاويض:

وأما التفاويض فهي من هذا النمط، غير أنه لا يقال بعد الخطبة إلا (وبعد فإن) ولا يقال (يقلد)، وتكون أخصر من التقاليد. ويقال في تعريفها: (تفويض شريف لفلان بكذا).

.رابعا: التواقيع:

وأما التواقيع فهي على هذا الأنموذج؛ وقد يقال فيها: (أن يفوض) وقد يقال: (أن يرتب) و(أن يقرر)؛ وعنوانها: (توقيع شريف لفلان بكذا).
وقد تستفتح التواقيع بـ (الحمد لله) نحو ما تقدم، وقد تستفتح بقول: (أما بعد حمد الله). وقد تستفتح بقول (أما بعد فإن). وقد تستفتح بقول: (إن أولى ما كان كذا) أو ما هذا معناه. وقد تستفتح بقول: (من حسنت طرائقه، وحمدت خلائقه) أو ما هذا معناه. وقد تستفتح بقول: (رسم بالأمر الشريف) بالألقاب السلطانية الكاملة، و(الحمد لله) أكبرها، و(رسم بالأمر الشريف) أصغرها، وما بينهما على الترتيب.
ومن استصغر من المولين لا يدعى له في آخر توقيعه، ولا يقال في آخر التواقيع على اختلافها: (وسبيل كل واقف عليه) بل يقال: (فليعتمد ما رسم به فيه بعد الخط الشريف أعلاه).

.خامسا: المراسيم:

وأما المراسيم فعلى هذا النحو، وينتهي في أقلها إلى: (رسم بالأمر الشريف، زاده الله شرفا) من غير إطالة.
فأما ما هو عن النواب في الإطلاقات فلا يكتب فيه إلا (العالي) خاصة، مجردة عن (الشريف) فاعلم ذلك.
واعلم أن شيخنا شهاب الدين محمود الحلبي- تغمده الله- قسم مقدار التحميدة أو التوقيع تقسيما لا أرضاه؛ والذي أراه اختصار مقدار التحميدة التي في الخطبة والخطب مطلقا، وإطالة ما بعد ذلك، والإطناب في الوصايا، اللهم إلا لمن جل قدره، وعظم أمره، فإن الأولى هي الاقتصار في الوصايا على أهم الجمليات؛ ويعتذر في الاختصار بما يعرف من فضله، ويعلم من علمه، ويوثق به تجربته، ومن هذا ومثله. والكاتب في هذا كله بحسب ما يراه، ولكل واقعة مقال يليق بها، ولملبس كل رجل قدر معروف لا يليق به غيره. وفي هذا غنى لمن عرف، وكفاية لمن علم.

.سادسا: المناشير:

أما المناشير فهي ما يكتب للأمراء والجند بما يجري في أرزاقهم من ديوان الإقطاع؛ وشأنه شأن ما تقدم، إلا أن المناشير أخصر، ولا وصايا فيها، ولا إطناب في مقاصد للكتاب يستوفيها. ومن كان مؤهلا لأن يكتب له تقليد كان منشوره من نوعه، ومن دون ذلك إلى أدنى الرتب من النسبة. إلا أنه لا يقال: (رسم بالأمر الشريف) وإنما العادة الجارية في المصطلح أن يقال: (خرج الأمر الشريف) سواء كان أثناء المنشور أو ابتداء.
ويكتب لكل ذوي الطبلخانات وأدناها من له أربعون طواشيا بـ (الحمد لله)، ولذوي العشرات ومن لا يبلغ حد أدنى الطلبخانات: (أما بعد الحمد لله). ويكتب لمقدمي الحلقة وجندها: (وخرج الأمر الشريف) ابتداءا. والمناشير لا يكتب في أواخرها المستند، ويكتب فيها كاتب الإنشاء إلى أن ينتهي إلى قوله: (أن يجري في إقطاعه) ثم يكتب نص ما كتب به من ديوان الإقطاع، وهو ديوان الجيوش، إلى أن يكلمه، ويلتزم تاريخ المربعة الجيشية التي كتب على حكمها، لما يترتب على ذلك من المحاسبات.
وثم فائدة تعلم، وهي أن الأمير إذا رسم له بزيادة أو تعويض نظر: فإذا كان من ذوي الألوف أو من قاربهم كتب له: (أما بعد حمد الله)، وإن كان من ذوي الطلبخانات الصغار فمن دونهم حتى جند الحلقة كتب له: (خرج الأمر الشريف). فأما إذا انتقل الأمير من إقطاع إلى غيره كتب له على العادة نحو ما ذكرناه أولا كأنه مبتدءا.

.الطغرى التي تكون بين الطرة والبسملة:

وقد جرت العادة أن تكتب للمناشير الكبار- كمقدمي الألوف والطلبخانات- طغرى بالألقاب السلطانية، تكون فوق وصل بياض فوق البسملة. ولهذه الطغراوات رجل مفرد لعملها وتحصيلها بالديوان. فإذا كتب الكاتب منشورا أخذ من تلك الطغراوات واحدة وألصقها فيما كتب به، فاعلم ذلك.

.في مقادير قطع الورق:

وأما مقادير قطع الورق الذي يكتب فيه فللعهود: القطع الكامل بقلم مختصر الطومار، وللتقاليد قطع الثلثين وقطع النصف بقلم الثلث الكبير، وللتفاويض وكبار التوقيع والمراسيم: قطع النصف وقلم الثلث الخفيف، ولما دون ذلك من التواقيع والمراسيم: قطع الثلث وقلم التوقيعات، ثم لما دون ذلك: قطع العادة وقلم الرقاع. وهكذا حكم المناشير في الترتيب.
وهذا منتهى تصل إليه، وتفصيل لائق قس عليهن وبالله التوفيق.
وأما المستندات فقد تقدم أن المناشير لا يكتب في آخرها المستند؛ وأما التواقيع والمراسيم والمربعات والكتب فإنها يبين فيها سبب ما كتب به؛ وأما ما كان مستند شاهده بتلقي (نائب السلطة الشريفة) فإنه يكتب ما صورته: (بالإشارة العالية، الكافلية، الفلانية، أعلاها الله تعالى)، وأما ما كان شاهده بتلقي (أمير آخور) فإنه يكتب: (برسالة الجناب العالي، الأميري، الفلاني، أمير آخور الفلاني، ضاعف الله نعمته)؛ وأما ما كان شاهده بتلقي (الدودار) فإنه يكتب: (برسالة المجلس السامي، الأميري، الفلاني، أيده الله تعالى). وأما ما كان شاهده بتلقي صاحب ديوان الإنشاء الشريف فإنه يكتب: (حسب المرسوم)؛ وأما ما كان شاهده بتلقي صاحب ديوان الإنشاء والموقعين بدار لعدل فإنه يكتب (حسب المرسوم الشريف من دار العدل)؛ وأما ما كان شاهده من (ديوان الخاص الشريف) أو من ديوان الجيوش المصرية فيقال: (حسب المرسوم الشريف) ثم يقال فيه: (من ديوان كذا). وهذا شيء كان في المراسيم المربعة لا غير، وكان الذي يكتب في ديوان الإنشاء بما يتلقى عنهم يقال فيه: (حسب المرسوم الشريف) لا غير، كما يقال فيما يتلقاه صاحب ديوان الإنشاء، فأوجب في هذا الوقت أن يكون هذا الضابط في الجميع ليعرف المستند في الوقت الحاضر من غير تأخير.
وموضع كتابة المستند في التواقيع التي على ظهور القصص على الجانب الأيمن من الورقة، بين السطرين الأول والثاني، وفي البقية بعد التاريخ.
وأما أوراق الطريق فإنها لا يكتب فيها إلا: (حسب المرسوم الشريف) لا غير، وموضعها من ورقة لطريق موضعها من التواقيع التي على القصص، والله الموفق.